“بيت 51” حكاية 400 عام من تاريخ جدة

على امتداد سوق العلوي بتاريخية جدة، يلف انتباه الزائر في أحد الأركان بيتا يحمل الرقم (51)، حيث النقوش الأثرية، والرواشين العتيقة، وكأنها تحكي قصة تاريخ الأجداد من نوافذه.
كل جانب من جوانب البيت 51 يستوقفك، لكن السرداب الموجود بداخله هو أكثر ما يثير فضولك، إنه بيت المتبولي التاريخي.
قصة السرداب – وهو قبو تحت الأرض – كما يرويها أحد أفراد العائلة أسعد متبولي بدأت منذ إنشاء البيت قبل أكثر من 416 عاما، في زمن حكم العثمانيين للحجاز، وكان يستخدم حينها للتخفي أو للهرب، كما كان يستخدم أيضا في فترات لاحقة لتخزين المياه وتبريدها، وأيضا استخدم السرداب لتخزين الطعام والحبوب”.
وأشار إلى أن بيت المتبولي بقي فترة طويلة مهجورا، وحينما تم البدء في ترميمه والتي استغرقت ثلاثة أعوام، واكتشف العاملون ذلك السرداب، والذي يبلغ طوله غربا 400 ذراع، وشرقا 933 ذراعا، خارج سور جدة، كما يبلغ عمقه خمسة أذرع، وقطر 1.33 ذراعا، كما يحتوي على ثلاثة مخارج، الأول إلى بيت نصيف، والثاني باتجاه باب مكة، والثالث باتجاه باب شريف.
معتصم المتبولي الذي ولد في ذات البيت منذ أكثر من خمسين عاما، يشرح كيف كانت ذكرياتهم الجميلة وهم وسط الدار المكون من أربعة طوابق، وتعيش فيه 6 عوائل، منهم 36 طفلا آنذاك، معظمهم موجودين حاليا.
يقول معتصم: “البيت له مدخلين شامي وقبلي، كما أن له مقعدين أيضا أحدهما للشباب والآخر للكبار، وأتذكر أن الباب الشامي كان مدخل الرجال، والقبلي للنساء بحكم قرب مجلس النساء منه، وأتذكر أن جدتي كانت مركز التحكم حيث توزع الهدايا للأطفال وكذلك الألعاب”.
وأفاد معتصم بأن بيت المتبولي كان أحد البيوت التي يجتمع فيها وجهاء جدة قديما من بعد صلاة المغرب إلى صلاة العشاء، وتتم فيه مناقشة أمور جدة وحاراتها، وبقي البيت كذلك إلى وقت قريب، كما كان في الوقت ذاته مقصدا لفناني جدة حيث كان يقصده محمد عبده، وطلال مداح – عليه رحمة الله – حيث كانوا يجتمعون فيه كل يوم قبل أكثر من 20 عاما، للسمر والأنس.
وأبرز ما يميز بيت آل المتبولي في المنطقة التاريخية بجدة، إلى جانب السرداب، هو النقوش والزخارف المعمارية البديعة في الجدران سواء الداخل أو في الخارج، وهو أمر نادر الوجود في ذلك الوقت.
وبين أن فكرة ترميم البيت جاءت لما يحتويه من كنور تاريخية أثرية كقيمة معمارية فريدة من نوعها في المنطقة، وبالفعل تم ترميمه وافتتح العام المنصرم من قبل صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلطان رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، لافتا إلى المنزل تحول إلى متحف للزوار للاطلاع عن تاريخ جدة وتراثها العتيق وبه بعض المقتنيات الأثرية كالمفارش والتحف والتي يقدر عمرها بأكثر من 180 عاما